التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
في شهر ديسمبر 1773م أُصيب السلطان مصطفى الثالث بنوبةٍ قلبيَّة، ولم تمر سوى أسابيع قليلة ومات السلطان في شهر يناير 1774م.
الجزء المتبقِّي من عهد السلطان مصطفى الثالث (1768-1773م)
الحرب الروسية العثمانية (1768-1774):
هذه واحدةٌ من نقاط التحوُّل في تاريخ الدولة العثمانية، وهي -أيضًا- نقطة تحوُّلٍ في تاريخ روسيا وأوروبا، ولذلك أفرد لها المؤرِّخون صفحاتٍ كثيرةً لتحليلها. سنُحاول قدر الإمكان اختصار الأحداث حتى لا يتشتَّت القارئ، ومن أراد الزيادة فليعد إلى المراجع الكثيرة التي فصَّلت في يوميَّات المعارك.
مع أن الدولة العثمانية أعلنت الحرب على الروس في أكتوبر من عام 1768م
إلا أنها لم تأخذ «الفعل» المناسب، وتلكَّأت في الخطوات؛ حيث خرج جيشها متثاقلًا في ربيع 1769 إلى ناحية البغدان[1]. شجَّع هذا التردُّد الروسَ على اقتحام الحدود العثمانية في ثلاث جبهات؛ البغدان، والقرم، والقوقاز. أمَّا الجبهة الأولى فقد حقَّق فيها الروس نجاحًا كبيرًا حيث حاصروا خوتين Khotyn (شمال البغدان، وهي في جنوب أوكرانيا الآن)، ثم أسقطوها في 17 سبتمبر، وبعدها احتلوا العاصمة البغدانيَّة ياسي Jassy في 7 أكتوبر، ثم اخترقوا الإفلاق، واحتلوا بوخارست في 17 نوفمبر، ومنها تشعَّبت قوَّاتهم لتحتل ولاية الإفلاق كلها[2]. هكذا في غضون شهرين سقط إقليمان كبيران مهمَّان في يد القوَّات الروسيَّة!
لم يكن نجاح الروس في الجبهتين الثانية والثالثة مماثلًا؛ إذ تعرَّضوا في الجبهة الثانية لهزيمةٍ من كريم كيراي خان القرم، الذي أَخَذَ منهم عددًا كبيرًا من الأسرى[3]، وفي الجبهة الثالثة وصلوا إلى چورچيا، ولكنهم لم يُحقِّقوا انتصارات حاسمة[4]، وعلى العموم فقد كانت الحملة إجمالًا ضربةً شديدةً للدولة العثمانية؛ فقد دخل الشتاء، وانقضى موسم الحرب، وستبقى البغدان والإفلاق في يد الروس إلى العام المقبل!
لم يكن عام 1770م بأفضل حالًا من سابقه، بل تلقَّت فيه الدولة العثمانية عدَّة صدماتٍ قوَّية!
كانت الصدمة الأولى غير متوقَّعة تمامًا. لقد ظهر الأسطول الروسي في بحر إيجة[5]، بل احتلَّ ميناء كورون[6] على الساحل الجنوبي لليونان! كيف وصل الأسطول الروسي إلى هذه النقطة؟! لقد أبحر الأسطول بقيادة إنجليزيَّة من بحر البلطيق، ومنه إلى بحر الشمال، فالقنال الإنجليزي، ثم المحيط الأطلنطي، فمضيق جبل طارق، ثم البحر المتوسط كله من غربه إلى شرقه، حتى دخل بحر إيجة! إنها رحلةٌ مجنونةٌ لا تقوى عليها الأساطيل الاحترافيَّة الكبرى، ومن الواضح أن العثمانيين لم يُتابعوا التطوُّر المذهل الذي وصلت إليه البحريَّة الروسيَّة في ظلِّ حكم الإمبراطورة كاترين الثانية، وفي ظلِّ التدريب الإنجليزي المستمر.
اكتشفت البحريَّة الفرنسيَّة وجود الأسطول الروسي في البحر المتوسط وأبلغت الدولة العثمانية عن طريق سفير فرنسا في إسطنبول، لكن العثمانيين لم يُصَدِّقوا[7]؛ فهذه هي المرَّة الأولى في التاريخ التي يدخل فيها أسطولٌ روسيٌّ إلى البحر المتوسط، ولذا كانت المفاجأة قاسية! الأكثر إدهاشًا أن الأسطول الروسي وصل إلى اليونان في فبراير 1770م[8]، وهذا يعني خروجه من روسيا في ديسمبر 1769م، أو في يناير 1770م، وهذا مستحيل لأن بحر البلطيق متجمدٌ في هذا التوقيت، وهذا ما جعل العثمانيين مطمئنين إلى عدم قدرة الأسطول الروسي على القدوم في هذا التوقيت، ولكن الواقع أن روسيا كانت قد أرسلت عددًا من سفنها إلى عدَّة موانئ أوروبية بدايةً من سبتمبر 1769، وقبل الجليد، وذلك تمهيدًا لخروج هذه السفن في الشتاء لمباغتة العثمانيين الذين لن يتوقَّعوا أبدًا الهجوم في هذا التوقيت، وكانت هذه الموانئ تشمل كوبنهاجن Copenhagen في الدنمارك، وماهون Mahon في إسبانيا، وبورتسموث Portsmouth في إنجلترا، ولشبونة Lisbon في البرتغال[9]. الحقُّ أن الإعداد الروسي للحملة كان ممتازًا!
كانت الصدمة الثانية هي اكتشاف العثمانيين أن المخابرات الروسيَّة كانت قد رتَّبت اتِّفاقًا سرِّيًّا مع اليونانيين في شبه جزيرة المورة للقيام بانقلابٍ على الدولة العثمانية حال قدوم الأسطول الروسي، مع وعدٍ بإقامة دولةٍ يونانيَّةٍ أرثوذكسيَّةٍ برعاية الروس، ومِنْ ثَمَّ قامت فعلًا الثورة، التي عُرِفت بثورة أورلوڤ Orlov revolt نسبةً إلى قائد الأسطول الروسي أليكسي أورلوڤ Alexey Orlov[10].
كان نجاح الثورة جزئيًّا حيث تمكنوا من احتلال بعض القلاع، لكنهم فشلوا في السيطرة على المورة[11]، لكن كشفت هذه الثورة عن عدَّة أمورٍ سلبيَّة؛ أولًا ضعف المخابرات العثمانية التي لم تدرِ شيئًا عن مثل هذه الترتيبات، وثانيًا إدراك أن الروس سيستخدمون هذا الأسلوب الخطر في اختراق الدولة العثمانية، وهو أسلوب التواصل مع الشعوب وإغرائها بالانفصال، والتحفيز بالدين، ولا ننسى أن الروس أرثوذكس، وكذلك معظم الشعوب النصرانية التابعة للدولة العثمانية، فهذا مدخلٌ في غاية الخطورة، وثالثًا كانت الثورة دليلًا على أن الشعوب صارت غير راضيةٍ عن الحكم العثماني، وتريد الفكاك منه في أقرب فرصة، ولا شَكَّ أن فساد الإنكشارية ورجال الحكومة الذي دفع المسلمين في الأقطار المسلمة التابعة للعثمانيين إلى البحث عن الاستقلال سيدفع غير المسلمين بصورةٍ أكبر، وما رأيناه اليوم في اليونان من المتوقَّع أن نراه في أقطارٍ نصرانيَّةٍ أخرى قريبًا.
لم يكن هذا التوقيت الشتوي مناسبًا لعمليَّاتٍ عسكريَّةٍ بحريَّة، ولذلك عسكر الأسطول الروسي في كورون في انتظار الصيف، وكذلك لم يتقدَّم الأسطول العثماني لملاقاة الروس في هذا الوقت المبكر.
بينما لم يستفق العثمانيون من صدمة الأسطول الروسي تلقوا في صيف العام نفسه الصدمة الثالثة، ولكن في هذه المرَّة جاءته من الداخل! على الرغم من استقلال علي بك الكبير ب مصر فإن السلطان محمود الأول أراد أن يستخدمه في قمع تمرُّدٍ في مكة، فأرسل إليه يطلب منه التوجُّه بجيشه المصري إلى هناك. وافق ذلك رغبة علي بك الكبير في التوسُّع، وأرسل جيشًا بقيادة تابعه المملوكي محمد بك أبو الذهب لقمع التمرُّد، ثم انتهى الأمر بضمِّ الحجاز كلِّه لصالحه لا لصالح الدولة العثمانية[12]، وصارت مكة والْمَدِينَة بذلك خارج السيطرة العثمانية! كان من الواضح أن السلطان محمود الأول ضعيف الحيلة في هذا الموقف؛ فهو يطلب من رجلٍ متمرِّدٍ أصلًا أن يقمع تمرُّدًا آخر!
والواقع أن الضعف الذي كانت تُعانيه الدولة العثمانية في هذا التوقيت هو الذي أدَّى إلى هذه المواقف الغامضة، ولا ننسى أن أمور الحجاز كانت تُتابَع بطاقم الحكومة العثمانية في مصر، ولا ننسى -أيضًا- أهميَّة مكة والْمَدِينَة الدينيَّة، ممَّا يجعل تمرُّدهما على الدولة العثمانية مقلِقًا لها جدًّا؛ فهذا الذي دفع السلطان إلى هذه المغامرة بإرسال علي بك الكبير إلى الحجاز، على أمل أن يطمئنَّ الرجل إلى رضا السلطان عليه، فيُقْلِع عن فكرة التمرُّد، ولكن السلطان لم يكن مصيبًا في تخمينه!
الصدمة الرابعة كانت في البحر! توجَّه الأسطول الروسي في شهر يونيو شمالًا إلى منطقة المضائق. التقى الأسطولان العثماني والروسي بالقرب من جزيرة خيوس. حقَّق العثمانيون نصرًا على الأسطول الروسي لكنه لم يكن حاسمًا، وبعدها انسحب العثمانيون إلى خليج جشمهChesme .
تابع الروس الأسطولَ العثماني داخل الخليج في غفلةٍ منه! بعدها أطلق الأسطول الروسي عدَّة قذائف حارقة على الأسطول العثماني الراسي في الخليج فانفجرت بعض مخازن الوقود واحترق كامل الأسطول تقريبًا! بعدها فكَّر الروس في العودة لاقتحام المضائق للوصول إلى إسطنبول، ولكن حالت التحصينات الموجودة على الدردنيل من دخولهم، فاكتفوا باحتلال جزيرة ليمنوس القريبة من مدخل المضيق[13][14]. لقد كان فقد الأسطول العثماني كارثةً بحريَّةً حقيقيَّةً للدولة؛ فهذه الخسارة ستُعطي الأسطول الروسي فرصة الحركة في البحر المتوسط دون وجل، خاصَّةً أن أسطول العثمانيين المتواجد في البحر الأسود لا يمكنه ترك قواعده خوفًا من تسلل الروس هناك.
الصدمة الخامسة في هذا العام كانت في البغدان؛ حيث أخرجت الدولة العثمانية جيشًا ضخمًا لاستعادة هذا الإقليم، وذلك في شهر يوليو 1770م. ضمَّ الجيش العثماني مائةً وخمسين ألف جنديٍّ تحت قيادة الصدر الأعظم عوض زادة باشا، بينما كان الجيش الروسي في المنطقة يقترب من أربعين ألفًا فقط[15]. في أول أغسطس 1770م التقى الجيشان بالقرب من نهر كاجول Kagul River جنوب مولدوڤا.
كان النصر الروسي حاسمًا[16]. اختلفت التقديرات في عدد شهداء العثمانيين بين عشرين[17] وخمسين ألفًا من الجنود[18]! بعد الموقعة سقطت معظم القلاع العثمانية في المنطقة؛ وأهمها إسماعيل Izmail، وكيليا Kilia، وأكرمان Akkerman، وهذه كلُّها في أوكرانيا الآن، كما سقطت برايلا Brăila، وإيساكا Isaccea في شرق رومانيا، وأخيرًا بِندر Bender في مولدوڤا[19]. تُعتبر موقعة كاجول هي الموقعة الأساسيَّة في هذه الحرب كلِّها، وتأكَّد الجميع بعدها أن النتيجة النهائيَّة للصدام ستكون لصالح الروس.
أمَّا الصدمة السادسة والأخيرة في نوفمبر من هذا العام فكانت داخليَّةً مرَّةً أخرى! لقد أغرى صمتُ الدولة العثمانية عن انشقاق مصر وضياع الحجاز -بسبب انشغالها بحرب روسيا- الواليَ المصري على مواصلة التوسُّع. غزا جيشٌ مملوكيٌّ بقيادة محمد بك أبو الذهب فلسطين، وضمَّ غزة، والرملة، ثم اتجه شمالًا، واحتلَّ يافا، ثم بَدَأ مباحثاتِ تحالفٍ مع ظاهر العمر[20].
حمل عام 1771م مزيدًا من الأحداث السيِّئة للدولة العثمانية!
تمكَّن جيش علي بك الكبير بقيادة واليه محمد بك أبي الذهب من التغلُّب على الحامية العثمانية في دمشق، ودخلوها في 6 يونيو 1771[21]! كان من الواضح أن علي بك الكبير يريد استرجاع الأملاك القديمة للمماليك قبل ضمِّ العثمانيين لها في عام 1517 (مصر، والشام، والحجاز). ومع ذلك فقد حدث تطوُّرٌ عجيبٌ في الأحداث؛ إذ قرَّر القائد المصري محمد أبو الذهب الانسحاب فجأةً من دمشق بعد فتحها، والانضمام إلى جانب الدولة العثمانية، ومِنْ ثَمَّ عاد بسرعةٍ إلى مصر منقلِبًا على قائده علي بك الكبير! ويبدو أن هذا التغيُّر في الولاء كان بسبب دوافع دينيَّة؛ حيث لم يرغب أبو الذهب في الخروج على الحاكم للدولة العثمانية، وغالبًا تحت تأثير أحد قادة جيشه اسمه إسماعيل بك[22]. كانت هذه الخطوة في صالح الدولة العثمانية، ومع ذلك فلِكَون الجيش العثماني ضعيفًا في هذه المناطق تمكَّن ظاهر العمر من استغلال الفراغ السياسي والعسكري الناتج عن رجوع الجيش المصري، ووسَّع مناطق نفوذه، فضمَّ يافا إلى أملاكه[23].
لم يقف طموح ظاهر العمر عند هذا الحدِّ إنما ضمَّ كذلك صيدا[24]، وعندما حاولت الدولة العثمانية استردادها طلب ظاهر العمر مساعدة الأسطول الروسي الذي استجاب، وأُمِّنت صيدا لصالح ظاهر العمر! بعدها، وبتعاونٍ مشتركٍ بين ظاهر العمر والروس، ضُمُّت بيروت كذلك[25]! ومع ذلك فقد كانت هناك خطواتٌ إيجابيَّةٌ نسبيًّا للدولة العثمانية؛ إذ تمكَّنت -في ظلِّ غياب الجيش المصري- من استرداد دمشق، وكذلك غزة والرملة، بل وتمكَّنت من عقد تحالفٍ مع الشهابيِّين، الذين كانوا منشقِّين عليها سابقًا، ضدَّ ظاهر العمر[26]!
هكذا صار الوضع معقَّدًا جدًّا في منطقة الشام، وذلك بسبب تعدُّد مراكز القوى، وغلبة الهوى على رءوس القوم، وضعف السيطرة العثمانية، بالإضافة إلى دخول الروس في المعادلة!
لم تكن الأحداث في هذا العام -1771- في الشمال، على الجبهات الروسية، بأقل سخونة من تلك التي رأيناها في الشام، بل لعلها أشدُّ سخونة!
لقد غزا الروس إقليم شبه جزيرة القرم غزوًا عسكريًّا كاملًا!
لم يتمكن العثمانيون في ظلِّ هزائمهم المتتالية من توجيه جيشٍ لمساعدة تتار القرم في مقاومة الروس. -أيضًا- قام الروس بجهودٍ دبلوماسيَّةٍ مع تتار القرم لإقناعهم بالانفصال عن العثمانيين مع وعدهم بإقامة دولةٍ مستقلَّةٍ لهم. هذه الجهود أسفرت عن انقسام التتار إلى فريقين؛ أحدهما يُفضِّل البقاء في تبعيَّة الدولة العثمانية، والآخر يُفضِّل الاستقلال والأخذ بوعد الروس[27]. نتيجة هذا التردُّد، وغياب الجيش العثماني، نجح الروس في اقتحام الإقليم عسكريًّا في 24 يونيو 1771[28]. كان هذا هو السقوط الأول لهذا الإقليم المهمِّ منذ ضمِّه للدولة العثمانية على يد السلطان محمد الفاتح عام 1475م، وبذلك أنهت هذه الهزيمة مائتين وستٍّ وتسعين سنةً من الحكم الإسلامي العثماني للقرم!
أقلقت الانتصارات الروسية الغربَ الأوروبي! مع أن الغرب يُريد الهزيمة للعثمانيين بلا جدال إلَّا أنَّه في الوقت نفسه لا يُريد للإمبراطورية الروسية أن تتوسَّع في أراضي العثمانيين. الآن تحتلُّ روسيا القرم، والبغدان، والإفلاق، كما يحتلُّ أسطولها ميناء كورون في المورة، وجزيرة ليمنوس في بحر إيجة، والدولة العثمانية بلا أسطول في البحر المتوسط، وقد يصل دعمٌ روسيٌّ بحريٌّ جديدٌ يُهدِّد إسطنبول ذاتها، وقد تعبر الجيوش الروسية الدانوب لتغزو بلغاريا، ومِنْ ثَمَّ إدرنة، وإسطنبول. هذا كلُّه سيُخِلُّ بميزان القوى في أوروبا لصالح روسيا، وهو ما ترفضه الدول الأوروبية، ولذا كان ينبغي لها التحرُّك بسرعةٍ «لإنقاذ» عدوَّتها التاريخيَّة، الدولة العثمانية! هذه هي لوغاريتمات السياسة الأوروبية!
كانت أول الدول الأوروبية حماسةً هي النمسا. تقدَّمت هذه الدولة -المعادية للعثمانيين منذ ثلاثة قرون- بعرضٍ لمساعدة الدولة العثمانية في استرداد الإفلاق والبغدان في مقابل بعض الأراضي هناك. تردَّد السلطان مصطفى الثالث في قبول العرض النمساوي؛ لأنه يعلم سهولة غدرهم ونكثهم بالعهود، لكن إزاء الموقف المتردي وافق السلطان مضطرًّا، ووُقِّعَت معاهدة بذلك في 6 يوليو 1771[29].
حدث ما توقَّعه السلطان مصطفى الثالث إذ لم يكن عون النمسا صادقًا! فقد توجه سفراء النمسا إلى الإمبراطورة كاترين الثانية في الوقت نفسه يعرضون سحب قواتهم من حدود الإفلاق والبغدان، والتخلي عن الدولة العثمانية، في مقابل أن ترفع روسيا يدها عن بولندا، وبالتالي يمكن تقسيم هذه الدولة المهمة بين النمسا وبروسيا. كانت كاترين الثانية قلقة للغاية من الدخول حاليًا في حرب مع النمسا، قد يتبعها حرب شاملة مع أوروبا كلها؛ لذا أخذت العرض النمساوي محل الاعتبار، وإن لم تعلن الموافقة فورًا؛ ولكنها بدأت في مفاوضات جادة مع النمسا حول هذا الشأن، وذلك بدايةً من ديسمبر 1771[30].
لقد كانت بولندا أهمَّ عند النمساويِّين جدًّا من الإفلاق والبغدان؛ أوَّلًا لثراء البلد، وثانيًا لكون شعبها كاثوليكيًّا مثلها، بعكس الإفلاق والبغدان الأرثوذكسيتين، وثالثًا للأهميَّة الاستراتيجية لبولندا كحاجزٍ حيويٍّ بين أوروبا والعملاق الروسي الصاعد. -أيضًا- كانت النمسا معنيَّةً بعدم دخول الروس إلى أوروبا الشرقيَّة تحديدًا، لذلك كان يهمُّها طرد الجيش الروسي من الإفلاق والبغدان فقط، أمَّا توسُّع روسيا في أملاك الدولة العثمانية في آسيا فلا يعنيها في شيء، ولذلك كان سعيها للاتفاق مع الروس يهدف إلى تأمين الحدود النمساوية في أوروبا، ولذلك لن تكترث النمسا بتوسُّعات روسيا في الأرض العثمانية في القرم أو القوقاز؛ لأن هذا بعيدٌ عن حدودها، ولن تقف أبدًا مع العثمانيين كحليفٍ حقيقيٍّ يحترم كلمته. لقد كانت المعاهدة النمساوية إذن مع الدولة العثمانية تخلو من أيِّ جانبٍ أخلاقي؛ إنما عُقِدَت مع نيَّة الغدر في أقرب فرصة!
أمَّا بروسيا فكان موقفها معقَّدًا؛ فهي على اتِّفاق دفاعٍ مشتركٍ مع كلتا الدولتين؛ العثمانية، والروسية! إنها لا تريد مساعدة العثمانيين لأن هذا سيُغضب الروس، وقد يتردَّدون في أمر رفع اليد عن بولندا، وكانت بروسيا كالنمسا، لها أطماعٌ كبيرةٌ في هذا البلد، وفي الوقت نفسه لا يريد البروسيُّون مساعدة الروس ضدَّ العثمانيين لئلَّا تتضخَّم القوَّة الروسيَّة في المنطقة، لذا أخذ الإمبراطور فردريك الثاني إمبراطور بروسيا موقفًا مائعًا، تخلَّى فيه عن العثمانيين، وفي الوقت نفسه قَبِل بدعم الروس ماليًّا فقط في مقابل رفع أيديهم عن بولندا[31].
أقلقت انتصارات الروس بريطانيا كذلك. كانت بريطانيا تساعد الروس في تحديث جيوشهم، كما كانت تساعدهم بقوَّةٍ في الأسطول البحري؛ حيث لا يملك الروس الخبرة الكافية لإدارة حروبٍ كبرى ضدَّ الأسطول العثماني المعروف بقوَّته. وصلت المساعدة الإنجليزيَّة إلى تقديم ضبَّاط بحريَّةٍ متميِّزين لقيادة الأسطول الروسي، كما كانوا يمدُّونهم بالمدفعيَّة الحديثة. كان هذا العون الإنجليزي في مقابل أن تُمِدَّ روسيا الإنجليز بموادِّ خامٍ لازمة للنهضة الصناعيَّة الكبرى التي كانت تشهدها بريطانيا في ذلك الوقت. كانت هذه المواد تشمل أنواعًا معيَّنةً من الحديد bar iron، والأقطان sailcloth، والأخشاب timber، وكذلك بعض النباتات التي تستخدم في الأغراض الصناعيَّة hemp.[32]. إنها كلها موادٌّ في غاية النفاسة، وغير متوفِّرةٍ في أوروبا. -أيضًا- كانت بريطانيا تهدف من وراء تقوية الأسطول الروسي أن يتمكَّن هذا الأسطول يومًا من دخول البحر الأسود، ومِنْ ثَمَّ البحر المتوسط، ليُحقِّق التوازن ضدَّ الأسطول الفرنسي هناك[33]، لأن البحرية الإنجليزيَّة لم يكن لها في هذا التوقيت قواعد عسكريَّة في هذا البحر المهم.
على الرغم من كلِّ هذه المنافع فإن الإنجليز قلقوا من الغزو الروسي السهل للدولة العثمانية، وأدركوا أن المسألة صارت مسألة وقت، وعمَّا قريب -لو ظلَّ الوضع على حاله- سيملك الروس كلَّ ميراث العثمانيين في أوروبا. هذا يُمثِّل خطرًا عسكريًّا كبيرًا، وفوق ذلك فإنه سيضرب مصالح الإنجليز التجاريَّة في الشرق؛ حيث ستبرز روسيا كبديلٍ منطقيٍّ أقرب للهند وجنوب شرق آسيا من بريطانيا. لا شَكَّ أن الإنجليز سيتكاسلون قريبًا عن مساعدة الروس، وقد يأخذون دور الوسيط في إنهاء هذا الصراع قبل أن تتفاقم قوَّة الروس.
بالنسبة إلى فرنسا فإنها أقبلت لمساعدة الدولة العثمانية عن طريق تدعيم تحصيناتها، وتحديث جيشها! قاد القنصل الفرنسي البارون فرانسوا دي توت François de Tott -وهو فرنسيٌّ من أصولٍ مجريَّة- فريقًا عسكريًّا وهندسيًّا لتدعيم تحصينات البوسفور وإسطنبول[34]، كما وضع الأساس لمدرسةٍ عسكريَّةٍ بحريَّة لتدريب جنود الأسطول العثماني[35]، وكان لهذه المساعدات الأثر الأكبر في حفظ المضايق من الغزو الروسي.
كان هذا هو ردُّ فعل الدول الأوروبية تجاه النصر الروسي. على العكس من ذلك تمامًا كان ردُّ فعل المسلمين المنشقِّين عن الدولة العثمانية! لقد رأينا تسارعًا من هؤلاء المسلمين للتعاون مع الروس ضدَّ العثمانيين غير آبهين بحجم الكارثة الناتجة عن سقوط الدولة العثمانية في أيدي الإمبراطوريَّة الروسيَّة! وَجَدَ علي بك الكبير أن موقفه صار صعبًا في مصر بعد انقلاب جيشه عليه بقيادة محمد أبي الذهب الذي صار مواليًا للعثمانيين، فأرسل في ديسمبر 1771م مبعوثًا من عنده اسمه يعقوب الأرمني للأسطول الروسي يعرض عليه التعاون معًا لضرب الدولة العثمانية[36][37]! قال تعالى: ﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ [الكهف: 50]. هذا في الوقت الذي كان التعاون الفعلي بين ظاهر العمر والأسطول الروسي قد بدأ بالفعل كما مرَّ بنا، وسيستمر هذا التعاون كما سنرى!
في فبراير 1772م عُقِدَ في ڤيينا مؤتمر يضمُّ النمسا، وبروسيا، وروسيا، وبرعاية فرنسية، وافقت فيه روسيا على عملية تقسيم بولندا بين القوى الثلاث، وهو التقسيم المعروف بالتقسيم الأول لبولندا First Partition of Poland[38]، وفيه حُلَّ اتحاد بولندا وليتوانيا بعد أكثر من قرنين من تأسيسه (تأسَّس في 1569)، واختفت بولندا من على خارطة أوروبا[39]. بعد ذلك بشهرين، في 8 أبريل 1772، أبلغت النمسا الدولةَ العثمانية بتخلِّيها عن المساعدة العسكريَّة ضدَّ الروس، وسحبت قوَّاتها من على الحدود[40]! صار الموقف معقَّدًا للغاية.
الآن الدولة العثمانية بمفردها أمام الروس، الذين احتلوا القرم، والبغدان، والإفلاق، ويتجوَّل أسطولهم في بحر إيجة والبحر المتوسط، وفي الوقت نفسه يتعاونون مع ظاهر العمر، ولم يردُّوا بعد على علي بك الكبير في مسألة التعاون معه، وإن كان من المتوقَّع أن يوافقوا على ذلك. بهذه المعطيات بدا واضحًا أن إكمال الحرب سيُمثِّل تقدُّمًا روسيًّا خطرًا. هنا ضغطت القوى الأوروبية على روسيا لقبول هدنةٍ عسكريَّةٍ للتفاوض السلمي. وافقت كاترين الثانية مضطرَّةً في 30 مايو 1772، واستمرَّت الهدنة إلى ربيع 1773م، وجرت المباحثات المكثَّفة بين الفريقين، على جولتين، ولكن لم يحدث اتفاقٌ بينهما، وكان الاختلاف الرئيس بين الدولة العثمانية وروسيا متعلِّقًا بمسألة القرم؛ حيث يطلب الروس استقلالها عن العثمانيين، بينما يُصِرُّ العثمانيون على تبعيَّتها لهم[41][42].
بينما كانت الجبهات العثمانية الروسية تشهد هدوءًا نسبيًّا نتيجة اتفاقيَّات الهدنة المؤقَّتة كانت مصر والشام مشتعلتين! لجأ علي بك الكبير في صيف 1772 إلى حليفه بفلسطين ظاهر العمر، وذلك بعد أن سيطر محمد أبو الذهب على مصر لصالح الدولة العثمانية. في هذا الوقت كانت يافا قد ضاعت من ظاهر العمر لحساب زعيم فلسطيني من نابلس اسمه محمد طوقان. كان علي بك الكبير يرغب في عون ظاهر العمر على استرداد مصر ولكن ذلك لم يكن ممكنًا دون السيطرة على يافا، ولذلك اشترك الاثنان في حصار يافا التي لم تسقط في أيديهم إلا في فبراير 1773. بعد سقوط يافا بشهرٍ واحدٍ عاد علي بك الكبير إلى مصر لحرب محمد أبي الذهب[43]. من الجدير بالذكر أن فرقةً من الجيش الروسي كانت تعاون جيش علي بك الكبير في غزوه لمصر[44]! على الرغم من المساعدة الروسيَّة للزعيم المنشق فإن أبا الذهب تمكَّن من هزيمته في الصالحيَّة شرق القاهرة في أبريل 1773، وأُصيب علي بك الكبير في القتال، ثم مات بعدها بأيَّامٍ متأثِّرًا بجراحه[45].
هدأت الأوضاع في مصر، وبدا أن الأمور سارت في صفِّ العثمانيين، وإن كان الواقع أنها صارت في يد المماليك، ممثَّلين في أبي الذهب. نعم لم يُعْلِن أبو الذهب انشقاقًا عن العثمانيين، ولكن لا وجود لجيشٍ عثمانيٍّ في مصر، والأمور كلُّها في يد المماليك، ممَّا يجعل التبعيَّة ظاهريَّة في الحقيقة، ومُعَرَّضة للانهيار في أيِّ لحظة.
في الوقت نفسه لم تكن المواجهات بين الروس والعثمانيين في عام 1773 بعد انتهاء الهدنة -واستئناف القتال- حاسمةً، وظلَّ الوضع على ما هو عليه[46].
لاستكمال الصورة نذكر تطوُّرات الموقف في الشام؛ فقد عاد يوسف الشهابي إلى استقلاله عن العثمانيين، وأعطى ولاية مدينة بيروت -وكان الشهابي قد سيطر عليها منذ يونيو 1772[47]- إلى أحد القادة العسكريين الهاربين من مصر، وهو أحمد الجزار[48]، وهو من أصل بوسني، وكان يعمل في خدمة علي بك الكبير[49]، وسيكون له شأنٌ في تاريخ المنطقة. بعد أن أخذ الجزار ولاية بيروت استقلَّ بها هو الآخر عن الشهابي، فتوسَّل الأخير لظاهر العمر أن يطلب من الأسطول الروسي مساعدته في إسقاط المدينة لصالحه[50]، فاحتلَّ الروس بيروت في 10 أكتوبر 1773م[51]، وسلموها إلى يوسف الشهابي مقابل مبلغ من المال[52]! هرب الجزار إلى دمشق التابعة للعثمانيين، ودخل في تبعيَّتهم، ثم سافر إلى القسطنطينية لمقابلة السلطان العثماني مصطفى الثالث الذي أُعْجِب به، وأعطاه ولاية مقاطعة صغيرة في غرب الأناضول هي ولاية أَفْيُون Afyon[53]، ويبدو أنه كان يريد اختبار ولاءه وكفاءته في هذه الولاية، وسوف يعود الجزار لاحقًا إلى الشام -كما سيأتي- حيث سيكون له شأنٌ كبير.
وفاة السلطان مصطفى الثالث:
في وسط هذه الأحداث المؤسفة، وقد احتُلَّت قطاعاتٌ كبيرةٌ من الدولة، وظهر الروس على العثمانيين بشكلٍ واضح، واضطربت الأوضاع في الشام، وتقاسم أرضه ظاهر العمر، والشهابي، وغيرهما، وصارت مصر والحجاز في يد المماليك فعليًّا، وإن كانتا في الظاهر قد عادتا إلى الدولة العثمانية، وفي ظلِّ عمليَّات الخداع والمكر الأوروبية، في ظلِّ كلِّ هذه الأجواء المضطربة أُصيب السلطان مصطفى الثالث بنوبةٍ قلبيَّة في ديسمبر 1773، بينما كان يستعد للسفر إلى الجبهة الروسيَّة للاطمئنان على جنوده[54]. لم تمر سوى أسابيع قليلة ومات السلطان في 21 يناير 1774[55]؛ ليصعد إلى سدَّة الحكم أخوه عبد الحميد، مواجهًا واحدةً من أكبر الأزمات التي شهدتها الدولة العثمانية في كلِّ تاريخها[56].
[1] أوزتونا، يلماز: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان محمود سلمان، مراجعة وتنقيح: محمود الأنصاري، مؤسسة فيصل للتمويل، إستانبول، 1988 صفحة 1/623.
[2] Sicker, Martin: The Islamic World in Decline: From the Treaty of Karlowitz to the Disintegration of the Ottoman Empire, Greenwood Publishing Group, Westport, CT, USA, 2001 (A)., p. 71.
[3] كينروس، چون باتريك: القرون العثمانية قيام وسقوط الإمبراطورية التركية، ترجمة وتعليق: ناهد إبراهيم دسوقي، منشأة المعارف، الإسكندرية-مصر، 2002م.الصفحات 450، 451.
[4] Lang, David Marshall: A Modern History of Georgia, Weidenfeld and Nicolson, London, UK, 1962., p. 36.
[5] أوزتونا، 1988 صفحة 1/625.
[6] إبراهيم أفندي: مصباح الساري ونزهة القاري، بيروت، الطبعة الأولى، 1272هـ=1856م.صفحة 230.
[7] أوزتونا، 1988 صفحة 1/624.
[8] Somel, Selçuk Akşin: The A to Z of the Ottoman Empire, the Scarecrow press, Lanham, MD, USA, 2010., p. lv.
[9] Anderson, R. C.: Naval Wars in the Levant 1559–1853, Princeton University Press, Princeton, New Jersey, USA, 1952., pp. 281-282.
[10] Gallant, Thomas W.: The Edinburgh History of the Greeks, 1768 to 1913: The Long Nineteenth Century, Edinburgh University Press, Edinburgh, Scotland, 2015., p. 19.
[11] Pappas, Nicholas Charles: Greeks in Russian military Service in the Late Eighteen and Early Nineteenth Centuries, Stanford University, Stanford, California, USA, 1982., p. 74.
[12] الجبرتي، عبد الرحمن بن حسن: تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، دار الجيل، بيروت، (دون سنة طبع). الصفحات 1/397، 398.
[13] 229. فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق: إحسان حقي، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ=1981م، صفحة 336.
[14] Persen, William: The Russian occupations of Beirut, 1772–74, Journal of the Royal Central Asian Society, Vol. 42, No. 3–4, 1955., p. 276.
[15] Stone, David R.: A Military History of Russia: From Ivan the Terrible to the War in Chechnya, Greenwood Publishing Group, Westport, CT, USA, 2006., p. 80.
[16] Archer; Christon I., Ferris; John R., Herwig, Holger H. & Travers, Timothy H. E.: World History of Warfare, University of Nebraska Press, Lincoln, Nebraska, USA, 2002., p. 444.
[17] Stone, 2006, p. 80.
[18] أوزتونا، 1988 صفحة 1/626.
[19] Hötte, Hans H.A.: Atlas of Southeast Europe: Geopolitics and History, Brill, Leiden, Netherlands, 1699-1815, Edited by: Béla Vilmos Mihalik, 2017), vol. 2, p. 9.
[20] Philipp, Thomas: Acre: The Rise and Fall of a Palestinian City, 1730-1831, Columbia University Press, New York, USA, 2001., p. 41.
[21] فولني، س . ف .: ثلاثة أعوام في مصر وبر الشام، ترجمة: إدوار البستاني، منشورات وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة، بيروت، الطبعة الأولى، 1949م.صفحة 1/87.
[22] 81. روجان، يوجين: العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر، ترجمة: محمد إبراهيم الجندي، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2011م. صفحة 72.
[23] Philipp, 2001, p. 41.
[24] 176. الصباغ، مخائيل نقولا: تاريخ الشيخ ظاهر العمر الزيداني: حاكم عكا وبلاد صفد، عني بنشره وتعليق حواشيه: الخوري قسطنطين الباشا المخلصي، شركة نوابغ الفكر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1431هـ=2010م. صفحة 90.
[25] الشدياق، طنوس يوسف: أخبار الأعيان في جبل لبنان، مكتبة العرفان، بيروت، 1954م. الصفحات 2/44-46.
[26] Joudah, Ahmad Hasan: Revolt in Palestine in the Eighteenth Century: The Era of Shaykh Zahir Al-ʻUmar, Kingston Press, 1987., p. 84.
[27] أوزتونا، 1988 صفحة 1/626.
[28] Somel, 2010, p. lv.
[29] Sicker, 2001 (A), p. 72.
[30] Sicker, 2001 (A), p. 72.
[31] Kański, Jack J.: Giants of European History: A Concise Outline, Troubador Publishing Ltd, Leicester, UK, 2018., p. 121.
[32] Cross, Anthony Glenn: Great Britain and Russia in the Eighteenth Century: Contacts and Comparisons, Oriental Research Partners, 1979., p. 148.
[33] Sicker, 2001 (A), pp. 72-73.
[34] Ferguson, Niall: Civilization: The West and the Rest, Penguin, London, UK, 2011., p. 87.
[35] فريد، 1981 صفحة 336.
[36] زيدان، جُرجي: مصر العثمانية، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2012م. صفحة 125.
[37] Persen, William: The Russian occupations of Beirut, 1772–74, Journal of the Royal Central Asian Society, Vol. 42, No. 3–4, 1955., p. 279.
[38] Scott, Hamish M.: The Birth of a Great Power System, 1740-1815, Routledge, New York, USA, 2013., p. 164.
[39] برون، جفري: تاريخ أوروبا الحديث، ترجمة: علي المزروقي، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان–الأردن، 2006م.صفحة 322.
[40] Sicker, 2001 (A), p. 72.
[41] 36. بروكلمان، كارل: تاريخ الشعوب الإسلامية، ترجمة: نبيه أمين فارس، منير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الخامسة، 1968م.، صفحة 530.
[42] Sicker, 2001 (A), pp. 73-74.
[43] Philipp, 2001, p. 42.
[44] فريد، 1981 صفحة 339.
[45] الجبرتي، (دون سنة طبع) صفحة 1/426.
[46] Sicker, 2001 (A), p. 75.
[47] Persen, 1955, pp 280-281.
[48] الصباغ، 1999 (ب) الصفحات 75، 76.
[49] الجبرتي، (دون سنة طبع) الصفحات 3/47، 48.
[50] الشدياق، 1954 الصفحات 2/47-49.
[51] Anderson, 1952, p. 302.
[52] الصباغ، 1999 (ب) صفحة 84.
[53] Harris, William: Lebanon: A History, 600-2011, Oxford University Press, New York, USA, 2012., p. 122.
[54] Davies, Brian L.: The Russo-Turkish War, 1768-1774: Catherine II and the Ottoman Empire, Bloomsbury Publishing, New York, USA, 2016., p. 201.
[55] كولن، صالح: سلاطين الدولة العثمانية، ترجمة: منى جمال الدين، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1435هـ=2014م. صفحة 244.
[56] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442هـ= 2021م، 2/ 897- 909.
لشراء كتاب قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط يرجى الاتصال على الرقم التالي: 01116500111
التعليقات
إرسال تعليقك